.البديع الإصطرلابي:
هو بديع الزمان أبو القاسم هبة اللّه بن الحسين بن أحمد البغدادي، من الحكماء الفضلاء، والأدباء النبلاء، طبيب عالم، وفيلسوف متكلم، وغلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرياضي، وكان متقنًا لعلم النجوم والرصد، وكان البديع الاصطرلابي صديقًا لأمين الدولة بن التلميذ، وحكي أنه اجتمع على أمين الدولة بأصبهان في سنة عشرة وخمسمائة، وحدثني مهذب الدين أبو نصر محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضر الحلبي قال كان البديع الاصطرلابي أوحد زمانه في علم الاصطرلاب وعمله، وإتقان صنعته، فعرف بذلك، أقول وكان والد مهذب الدين أبي نصر من طبرستان، وهو المعروف بالبرهان المنجم، وكان علامة وقته في أحكام النجوم، وله حكايات عجيبة في ذلك، وقد ذكرت أشياء منها في كتاب إصابات المنجمين، وكان قد اجتمع بالبديع الاصطرلابي وصاحبه مدة، وللبديع الاصطرلابي نظم جيد حسن المعاني.ومن شعر البديع الاصطرلابي وهو مما أنشدني مهذب الدين أبو نصر محمد ابن محمد بن إبراهيم الحلبي قال أنشدني والدي قال أنشدني البديع الاصطرلابي لنفسه:
يا ابن الذين مضوا على دين الهدى ** والطاعنين مقاعد الإعدامفوجوههم قبل العلى وأكفهم ** سحب الندى ومنابر الأقلاموأنشدني أيضًا قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه:
أهدي لمجلسك الشريف وإنما ** أهدي له ما حزت من نعمائهكالبحر يمطره السحاب وماله ** مَنٌّ عليه لأنه من مائهوأنشدني أيضًا قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه:
قام إلى الشمس بآلاته ** لينظر السعد من النحسفقلت أين الشمس قال الفتى ** في الثور قلت الثور في الشمسوأنشدني أيضًا قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه:
قيل لي قد عشقته أمرد الخد ** وقد قيل إنه نكريشقلت فرخ الطاووس أحسن ما كا ** ن إذا ما علا عليه الريشوأنشدني أيضًا قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه:
هل عثرت أقلام خط العذار ** في مشقها فالخال نقط العثارأم استدار الخط لما غدت ** نقطته مركز ذاك المداروريقة الخمر فهل ثغره ** در حباب نظمته العقاروقال أيضًا:
وذو هيئة يزهو بخال مهندس ** أموت به في كل وقت وأبعثمحيط بأوصاف الملاحة وجهه ** كان به إقليدس يتحدثفعارضه خط استواء وخال ** به نقطة والخد شكل مثلثوأنشدني أيضًا قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه جوابًا عن قصيدة كتبها إليه القيسراني، أولها:
(أعرب الفضل من بديع الزمان ** عن معان عزت على يونانما تلاها لما تلاها ولكن ** فاتها حائزًا خصال الرهانقال مهذب الدين أبو نصر محمد فرد على جوابها قصيدة لم يبق على ذكري منها شيء سوى هذه الأبيات:
أيها السيد الذي ** أطراني بمديح كالدار قد أطغانيوالذي زاد في محلي وقدري ** وأذلَّ الشاني بتعظيم شانيفتعنفقت أي باني كما قا ** ل مجيب الطباع سهل الجنانوترشحت للجواب فأعيا ** ني وانسل هاربًا شيطانيمجبلًا مجبلًا يقول اتق ** اللّه فمالي بما ترم اليدانأتظن الوهاد مثل الروابي ** أم تخال الهجين مثل الهجانأم تجاري طرفًا يفوت مدى الطر ** ف إذا ما تجاريا في مكانبحمار يفوته الزمن المقعد إن ** أرسلا غداة الرهانفاكتنفني سترًا فشعري بخط ** حين يبدو لناظر عورتانومن شعر البديع الاسطرلابي أيضًا قال في غلام معذر:
كن كيف شئت فإنني ** قد صغت قلبًا من حديدوقعدت أنتظر الكسو ** ف وليس ذلك من بعيدوقال أيضًا:
تقسم قلبي في محبة معشر ** بكل فتى منهم هواي منوطكان فؤادي مركز وهم له ** محيط وأهوائي إليه خطوطوقال أيضًا:
وشادن في حبه سنَّة ** قدْ جعلت حبي له فرضاأرضى بأن أجعل خدي له ** إذا مشى منتعلا أرضاوقال أيضًا:
أذاقني خمرة المنايا ** لما اكتسى خضرة العذاروقد تبدى السواد فيه ** وكارتي بعد في العياروقال أيضًا:
هجرت النكاريش ثم انثنيت ** أعنف من بات يهواهموما زلت في المرد ألحاهم ** إلى أن بليت بألحاهموقال أيضًا:
تاه على الناس بإغرائه ** أي فاحذروني أنني ملسنإن كان في أقواله معربا ** فإنه في فعله يلحنوقال أيضًا يهجو:
مستيقظ فإذا استضيف ** به يصير من النياموتراه في عدد الطعا ** م إذا رأى مضغ الطعامتبدو مصائبه العظا ** م أو أن تجريد العظاموقال يهجو أيضًا:
وفاصد مبضعه مشرع ** كأنه جاء إلى حربفصد بلا نفع فما حاصل ** غير دم يخرج من ثقبلو مر في الشارع من خارج ** لمات من في داخل الدربخذه إذا جاشت عليك العدا ** فوحده يغنيك عن حربوقال أيضًا: وقد جاء بالعراق وفر كثير- يعني بالوفر الثلج:
يا صدور الزمان ليس بوفر ** ما رأيناه في نواحي العراقإنما عم ظلمكم سائر الأر ** ض فشابت ذوائب الآفاقوقال في مغسل الشراب وهو جردان:
إني إذا ما حضرت في ملأ ** عددت من بعض آلة الفرحإذا تصدرت في مجالسهم ** تنغصوا لي بفاضل القدحوللبديع الاسطرلابي من الكتب اختصار ديوان أبي عبد اللّه الحسين بن الحجاج، زيج سماه المعرب المحمودي ألفه للسلطان محمود أبي القاسم بن محمد.
.أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل:
بغدادي المولد والمنشأ، وكان يعاني صناعة الطب ويباشر أعمالها، ويعد من جملة الموصوفين بها، وكان أيضًا يكحل إلا أن الشعر كان أغلب عليه وكان كثير النوادر خبيث اللسان، وله ديوان شعر، وكان بينه وبين الأمير أبي الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي الشاعر المسمى حيص بيص شنآن وتهاتر وكانا قد يصطلحان وقتًا ثم يعودان إلى ما كانا فيه، وسبب تسمية الحيص بيص بهذا أنه كان العسكر ببغداد قد همّ بالخروج إلى السلطان السلجوقي، وذلك في أيام المقتفي لأمر اللّه، فكان الناس من ذلك في حديث كثير، وحركة زائدة، فقال ما لي أرى الناس في حيص بيص؟ فلقب بذلك، وكان الذي ألصق به هذا النعت أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل، وكان الحيص بيص يقصد في كلامه أبداً، وفي رسائله الفصاحة البليغة، والألفاظ الغريبة من اللغة، ومن ذلك حدثني بعض العراقيين أن الحيص بيص كان قد نقه من مرض عاده فيه أبو القاسم بن الفضل، فوصف له أكل الدراج، فمضى غلامه واشترى دراجًا واجتاز على باب أمير وبه غلمان ترك أصاغر يلعبون، فخطف أحدهم الدراج من الغلام ومضى، فأتى الغلام إليه فأخبره الخبر فقال له ائتني بدواة وبيضاء، فأتاه بهما فكتب لو كان مبتر دراجه فتخاء كاسر وقف بها السغب بين التدوين والتمطر فهي تعقي وتسف، وكان بحيث تنقب أخفاف الإبل، لوجب الأغذاذ إلى نصرته، فكيف وهو ببحبوحة كرمك والسلام، ثم قال لغلامه امض بها وأحسن السفارة في وصلتها إلى الأمير فمضى ودفعها لحاجبه فدعا الأمير بكاتبه وناوله الرقعة فقرأّها، ثم فكر ليعبر له عن المعنى فقال له الأمير ما هو؟ فقال مضمون الكلام إن غلامًا من غلمان الأمير أخذ دراجًا من غلامه، فقال اشتر له قفصًا مملوءًا دراجًا فاحمله إليه، ففعل، وحدثني شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه اللّه أن الحيص بيص الشاعر ببغداد كان قد كتب إلى أمين الدولة بن التلميذ ورقة يقصد فيها أن ينفذ إليه شياف أبار وهي أزكنك أيها الطب اللب الآسي النطاسي النفيس النقريس، أرجنت عندك أم خنور وسكعت عنك أم هوير، إني مستأخذ أشعر في حنادري رطسًا ليس كاسب شبوة ولا كنخر المنصحة، ولا كنكز الحضب، بل كسفع الزخيخ فأنا من التباشير إلى الغباشير لا أعرف ابن سمير من ابن جمير، ولا أحْسِنُ صفوان من همام، بل آونة أرجحن شاصيا، وفينة أحبنطي مقلوليا، وتارة أعرنزم وطورًا واسلنقي، كل فعل مع أح وأخ وحس وتهم قرونتي أن أرفع عقيرتي بيعاط عاط إلى هياط ومياط وهالي أول وأهون وجبار ودبار ومؤنس وعروبة وشيار، ولا أحيص ولا أكيص ولا أغرندي ولا أسرندي لوقته فتبادرني بشياف الآبار النافع لعلتي الناقع لغلتي، قال فلما قرأ أمين الدولة الورقة، نهض لوقته وأخذ حفنة شياف آبار، وقال لبعض أصحابه أوصله إياها عاجلًا ولا نتكلف قراءة ورقة ثانية، وكتب الحيص بيص إلى المقتفي لأمر اللّه سبع رقاع عند طلبه بعقوبًا منه الأولى أنها لطايا ولاء حملت سفر ثناء، غرد بها حادي رجاء، والمنزل الفناء.الثانية أجري جياد حمد في ساحات مجد، إجراء ممطر نهد من غير باعثة وجهد، منتجعًا غب الغاية كرماء.الثالثة جد يا أمير المؤمنين بوفر دثر، لا بكي، ولا نزر، لمفصح شعر، يمم لجة بحر يرتاد عتاد دهر، فالقافية سحر، والسامع حبر، والعطاء غمر.الرابعة إن الموصل واليغاران هما إقطاع ملكين سلجووقيين، وكانتا جائزتين لشاعرين طائيين من إمامين مرضيين، أحدهما معتصم باللّه، والآخر متوكل على اللّه، والبناء الأشرف أعظم، وعطاؤه أرزم فعلام الحرمان؟ الخامسة خامسة من الخدم، في انتجاع شابيب الكرم، من القدس الأعظم، حلوان قافية، تجري كناجية، بمخترق بادية، تهدي سفراً، وتسهل وعراً، والرأي بنجح آمالها أحرى.السادسة إن وراء الحجاب المسدل لا يهم طود، وخضم يم مخرس خطب، وقاتل جدب، جل فبهر، وعز فقهر، ونال فغمر، صلوات اللّه عليه ما هبت الريح، ونبت الشيح.السابعة، يا أمير المؤمنين، مائة بيت شعر أو سبع رقاع نثر، أتذاد عن النجح ذياد الحائمات؟ كلا أن الأعراق لبوية، والمكارم عباسية، والفطنة لوذعية، وكفى بالمجد محاسبًا ماذا أقول إذا الرواة ترنموا بفصيح شعري في الإمام العادل واستحسن الفصحاء شأن قصيدة، لأجل ممدوح، وأفصح قائل:
وترنحت أعطافهم فكأنما ** في كل قافية سلافة بابلثم انثنوا غب القريض وضمنه ** يتساءلون عن الندى والنائلهب، يا أمير المؤمنين، بأنني قص الفصاحة، ما جواب السائل وكانت وفاة أبي القاسم بن الفضل في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ومن شعر أبي القاسم هبة اللّه أنشدني مهذب الدين أبو نصر محمد بن محمد بن إبراهيم الحلبي، قال أنشدني بديع الدين أبو الفتح منصور بن أبي القاسم بن عبد اللّه بن عبد الدائم الواسطي المعروف بابن سواد العين، قال أنشدني أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل لنفسه:
في العسكر المنصور نحن عصابة ** مرذولة أخسس بنا من معشرخذ عقلنا من عقدنا فيما ** ترى من خسة ورقاعة وتهورتكريت تعجزنا ونحن ** بجهلنا نمضي لنأخذ ترمذًا من سنجرأما الحويزي الدعي فإنه دلو ** يشوب تكبرًا بتمسخريكنى أبا العباس وهو بذلة ** حكمت عليه وأسجلت بمعمرفي كف والده وفي أقدامه ** آثار نيل لا يزال وعصفريمشي إلى حجر القيان بنشطة ** ويدب في المحراب نحو المنبروحديثه في الحق أو في باطل ** لم يخله من وحشة وتمهزروإذا رأى البركيل يرعد خيفة ** ذي الهاشمية أصلها من خيبرنسب إلى العباس ليس شبيهه ** في الضعف غير الباقلاء الأخضروالحيص بيص مبارز بقناته ** وأنا بشعشعتي طبيب العسكرهذاك لا يُخشى لتقل بعوضة ** وأنا فلا أرجى لبرء مدبرأجري بمبضعي الدماء وسيفه ** في الغمد لم يعرض لظفر الخنصرلقرينه في الحرب طول سلامة ** وصريع تدبيري بوجه مدبروأنشدني أيضًا قال أنشدني البديع أبو الفتح الواسطي، قال أنشدني المذكور لنفسه يمدح سيف الدولة أبا عبد اللّه محمد بن الأنباري كاتب الإنشاء ببغداد:
يا من هجرت فما تبالي ** هل ترجع دولة الوصالما أطمع يا عذاب قلبي ** أن ينعم في هواك باليالطرف من الصدود باك ** والجسم كما ترين باليوالقلب كما عهدت صاب ** باللوعة والغرام صاليوالشوق بخاطري مقيم ** ما يؤذن عنه بارتحاليا من نكأت صميم قلبي ** بالحزن وصورة الخبالهيهات وقد سلبت غمضي ** أن أظفر منك بالخياللو شئت وقفت عند حدٍ ** لا يسمح منك في الدلالما ضرك أن تعلليني في ** الوصل بموعد محالأهواكِ وأنت حظ يري ** يا قاتلتي فما احتياليوالقتل لظاهري شعار ** أن أنت عززت باختيالذا الحكم علي من قضاة ** من أرخصني لكل غاليأيام عنائى فيك سود ** ما أشبههن باللياليواللوَّم فيك يزجروني ** عن حبك ما لهم وماليلعشق به الشغاف أضحى ** عن ذكر سواك في اشتغالوالنار وإن خبت لظاها في ** الصدر تشب باشتعاليا ملزمي السلو عنهما ** الصب أنا وأنت ساليوالقول بتركها صواب ** ما أحسنه لو استوى ليدعني وتغزلي بخود ** ترنو وتُغن عن غزالحوراء لطرفها سهام ** أمضى وأمضّ من نبالفي القلب لوقعها جراح ** لا برء لها من اغتيالفارحم قلقا بها وقيذا ** واعذره فما العذار خاليما يجمل أن تلوم صبا ** إن هام بربة الجمالإياك وخلني وويلي في ** الوجد مسلمًا لحاليإن كنت تعده صلاحًا ** دعني فهداي في ضلاليفي طاعتها بلا اختياري قد ** صح بعشقها اختلاليطلقت تجلدي ثلاثًا ** والصبوة بعد في حباليمن أين وكيف لي بصبر ** عن حسن بعيدة المثاللم أحظ بطائل لديها ** إلا بزخارف المحالكم قد نكلت عقيب ** عهد فالقلب لذاك في نكالكما غرني الخداع منها ** في القاع علي ظمأ الزلالهلاَّ صدقت كأريحي ** من أكرم معشر وآلراجية لديه في جناب ** بالأنعم سابغ الظلالما الغيث يسح من يديه ** كالغيث يسح في الفعالكالغيث يسح في الفعال ** من موئله ذرى سديدمن موئله ذرى سديد ** الدولة ذي الندى المداللا تطمع أن تنال منه ** بالضيم مرادها اللياليوالغدر لعله حمام قد ** رقن له بلا اعتدالتسقيه يد النجاح منها ** ما شاء ببادر زلالفي ربع مهنأ العطايا ** في الأزمة مسبل العزاليأستصرخ منه حين أشقى ** بالشدة أرحم المواليمن جود يديه لي كفيل ** في القحط براتب العياللا ينظر في سوى صلاحي ** أن أبصرني بسوء حالما زال ولا يزال طبعًا ** يعطي كرمًا ولا يبالييعطي كرمًا ولا يبالي ** لا يعحبه ملام ناهلا يعحبه ملام ناه ** في الذب عن العلى بمالفالسؤدد شمله جميع ** في دار مفرق النوالمن يلق محمدًا بمدح ** يحمده بأحسن الخلالوالوجد بغادة رداح ** فالأعظم منه كالخلالوالجود بكف ذي ** سماح من خير مناقب الرجالمولاي نداء مستجير ** يدعوك لدائه العضاليا أكرم منعم عليه ** في دفع مآربي اتكاليدبر محني لعل جرحي ** يجبره نداك باندمالكم أوقفني غريم سوء ** في حال وقوفه حياليكالمفلس من يهود هطرى ** في قبضة عامل الجواليما صح لي الخلاص منه ** إلا بصحاحك الثقالوالعادة في صلاح عدمي ** في العود لمثلها سؤاليتقريظك ما حييت ** دأبي بالظاء على فراغ باليما أكحل بالهجاء لكن ** بالقصد لكفك اشتغاليفالعرض أرده سمينًا ** والكيس محالف الهزالمن دبر هكذا مزاجا ** بالحذق لصورة الكمالالصبغ إذا أتاه عفوًا ** وافاه برزقه الحلاليا خير مؤل إليه ** شددت بمدائحي رحاليلم يقضك خاطري حقوقًا ** مذ أصبح ظاهر الكلالإن أثن عليك أبد عجزًا ** عن نعت معظم الجلالأوصافك في الفخار ** جازت في الكثرة عدة الرمالفالخط طوالها قصار ** عن خطك ساعة النزالكم راع بك القنا يراع ** في كفك واسع المجالأقلامك أسهم قواض ** والنقش لهن كالنصالتقضي ثعل لها بفخر ** والقارة ساعة النضاللو شاجرت الرماح كانت ** في الروع لكفها العواليأو صافحت الصفاح فلّت ** غربي متشعشع الصقالأو حبرت المثال أبدت ** ما دق وجل عن مثالتملى فقرًا من المعاني ** سددن مفاقر المعاليينفثن على الصباح ليلًا ** ناهيك بسحرها الحلالكتب ضمنت بلا اشتراط ** تمزيق كتائب جلالهاروت إذا أتته ** ولى لا يخطر بابلًا ببالفيها سبح على لجين ** أسنى قيمًا من اللآليفي النشر كأوجه العذارى ** غلفن بفاخر الغواليالفاظك للوعول حطت ** مستنزلة من الفلالبالكيد تقتل الأعادي ** في السلم لها بلا قتالكم رضت من الورى ** جموحًا للعقل فعاد في عقاللا زلت موفق المساعي ** بالجد مشفع بالسؤالتنقاد لك الأمور طوعا ** يا خير بقية الرجاليا أكرم والد لنجل ** يتلوه مهذب الخلالأكرم بفتاك من ولي ** للدولة مخلص موالإن جاد يخجل الغوادي ** أو قال أجاد في المقاليا شمس علا زهت ببدر ** حاشاه يقاس بالهلاللا زال مشرقًا منيرًا ** في ظلك دائم الكمالما عادك بالسرور ** عيد ترعاه بأحسن اشتمالفي أسبغ نعمة وعيش ** بالطيبة دائم التواليلا زال علاك في ثبات ** لا يسلمه إلى زواليعن أخلص نية بصدق ** في طول بقائك ابتهاليما يلتبس الصحيح ** يومًا تاللّه عليك بالمحالوأنشدني أيضًا قال، أنشدني البديع الواسطي قال، أنشدني المذكور لنفسه:
لا أمدح اليأس ولكنه ** أروح للقلب من المطمعأفلح من أبصر عشب المنى ** يرعى فلم يرع ولم يرتعوأنشدني أيضًا قال، أنشدني البديع الواسطي قال، أنشدني المذكور لنفسه:
يا معشر الناس النفير النفير ** قد جلس الهردب فوق السريروصار فينا آمرًا ناهيًا ** وكنت أرجو أنه لا يصيرفكلما قلت قذى ينجلي ** وظلمة عما قليل تنيرفتحت عيني فإذا الدولة ** الدولة والشيخ الوزير الوزيروأنشدني أيضًا قال، أنشدني البديع الواسطي قال، أنشدني المذكور لنفسه، وقال في الحيص بيص الشاعر وكانت قد نبحت عليه كلبة مجرية، فقتل جروًا لها بالسيف:
يا أيها الناس إن الحيص بيص أتى ** بفعلة أورثته الخزي في البلدهو الجبان الذي أبدى شجاعته ** على جريّ ضعيف البطش والجلدفأنشدت أمه من بعدما احتسبت ** دم الأبليق عند الواحد الصمدأقول للنفس تأساء وتعزية ** إحدى يدي أصابتني ولم تردكلاهما خلفٌ من فقد صاحبه ** هذا أخي حين أدعوه وذا ولديوأنشدني أيضًا قال، أنشدني البديع الواسطي قال، أنشدني المذكور لنفسه:
يا ابن المرخم صرت فينا حاكمًا ** خرف الزمان تراه أم جن الفلكإن كنت تحكم بالنجوم فربما ** أما شريعة أحمد من أين لكوأنشدني أيضًا قال، أنشدني البديع الواسطي قال، أنشدني المذكور لنفسه يهجو البديع الاصطرلابي:
لا غرو أن دهي الحجيج وإن ** رموا منه بنكبهحج البديع وعرسه ** وفتاه فانظر أي عصبةفثلاثة من منزل ** علق وقواد وقحبةومن شعر أبي القاسم هبة اللّه بن الفضل أيضًا قال يهجو أمين الدولة بن التلميذ:
هذا تواضعك المشهور عن ضعة ** قد صرت فيه بفضل اللؤم متهمقعدت عن أمل الراجي وقمت له ** هذا وثوب على القصاد لا لهموقال أيضًا:
غزال قط لا يهوى ** سوى المطبوعة التبرولا يعجبه المطبو ** ع من نظمي ولا نثريوقال أيضًا:
أحسنت يا عسكر دين الهدى ** منهزمًا في خمسمائة ألفكأنه الحبال في سيره ** يزداد إقدامًا إلى خلفوقال أيضًا:
ألا قل ليحيى وزير الأنام ** محوت الشريعة محو السطوركسرت الصحاح بتصحيحها ** وأصبحت تضربها في الجذوروما أن قصدت لتهذيبها ** ولكن لتهذي بها في الصدوروقال أيضًا:
وقالوا قد تحجب عنك مولى ** وصار له مكان مستخصفقلت سيفتح الأقفال شعري ** ويدخلها فإن البرد لصوقال يمدح الدواء المعروف ببر شعثا لما ألف تركيبه أوحد الزمان:
تجرعت برشعثا وحالي أشعث ** فما نزلت بي بعده علة شعثاولو بعد عيسى جاز إحياء ميت ** لأصبح يحيا كل ميت ببرشعثاوقال أيضًا:
هذا يقول استرحنا ** وذا يقول عصيناويكذبان ويهذي ** الذي يصدق مناوقال أيضًا:
كم ترددت مرارًا ** وتجرعت مرارهثم لما وفق اللّه ** ووقعت بكارهلم يكن فيها من الحنطة ** ما تقرض فارهوقال أيضًا:
أمدحه طورًا وأهذي به ** طورًا ولا أطمع في رفدهمثل إمام بين أهل القرى ** صلى به والزيت من عندهوقال أيضًا:
يا خائف الهجو على نفسه ** كن في أمان اللّه من مسهأنت بهذا العرض بين الورى ** مثل الخرا يمنع من نفسهوقال أيضًا:
كلما قلت قد تبغدد ** قومي تحمصصواليس إلا ستر يشا ** ل وباب مجصصوالغواشي على الرؤ ** وس عليها المقرنصوأنا الكلب كل يو ** م لقرد أبصبصكلما صفق الزما ** ن لهم قمت أرقصفمتى أسمع الندا ** ء وقد جاء مخلصولأبي القاسم هبة اللّه من الكتب تعاليق طبية، مسائل وأجوبتها في الطب، ديوان شعره، العنتري هو أبو المؤيد محمد بن المجلي بن الصائغ الجزري، كان طبيبًا مشهورًا وعالمًا مذكوراً، حسن المعالجة، جيد التدبير، وافر الفضل، فيلسوفًا متميزًا في علم الأدب، وله شعر كثير في الحكمة وغيرها.وحدثني الحكيم سديد الدين محمود بن عمر رحمه اللّّه إن العنتري كان في أول أمره يكتب أحاديث عنتر العبسي فصار مشهورًا بنسبته إليه.ومن كلامه في الحكمة قال بني، تعلم العلوم فلو لم تنل من الدنيا إلا الغنى عمن يستعبدك بحق أو بباطل، وقال بني، إن الحكمة العقلية تريك العالم يقادون بأزمة الجهل إلى الخطأ والصواب، وقال الجاهل عبد لا يعتق رقه إلا بالمعرفة، وقال الحكمة سراج النفس فمتى عدمتها عميت النفس عن الحق، وقال الجاهل سكران لا يفيق إلا بالمعرفة، وقال الحكمة غذاء النفس وجمالها، والمال غذاء الجسد وجماله، فمتى اجتمعا للمرء زال نقصه، وتم كماله، ونعم باله وقال الحكمة دواء من الموت الأبدي.وقال كون الشخص بلا علم كالجسد بلا روح، وقال الحكمة شرف من لا شرف له قديم، وقال الأدب أزين للمرء من نسبه، وأولى بالمرء من حسبه، وأدفع عن عرضه من ماله، وأرفع لذكره من جماله.وقال من أحب أن ينوه باسمه فليكثر من العناية بعلمه.وقال العالم المحروم أشرف من الجاهل المرزوق وقال عدم الحكمة هو العقم العظيم.وقال الجاهل يطلب المال، والعالم يطلب الكمال، وقال الغم ليل القلب، والسرور نهاره. وشرب السم أهون من معاناة الهم، ومن شعر أبو المؤيد محمد بن المجلي بن الصائغ المعروف بالعنتري أنشدني إياه الحكيم سديد الد ين محمود بن عمر بن رقيقة قال، أنشدني مؤيد الدين ولد العنتري قال أنشدني والدي لنفسه:
احفظ بني وصيتي واعمل بها ** فالطب مجموع بنص كلاميقدم على طب المريض عناية ** في حفظ قوته مع الأيامبالشبه تحفظ صحة موجودة ** والضد فيه شفاء كل سقامأقلل نكاحك ما استطعت فإنه ** ماء الحياة يراق في الأرحامواجعل طعامك كل يوم مرة ** واحذر طعامًا قبل هضم طعاملا تحقر المرض اليسير فإنه ** كالنار يصبح وهي ذات ضراموإذا تغير منك حال خارج ** فاحتل لرجعة حل عقد نظاملا تهجرن القيء واهجر كل ما ** كيموسه سبب إلى الأسقامإن الحمى عون الطبيعة مسعد ** شاف من الأمراض والآلاملا تشربن بعقب أكل عاجلا ** أو تأكلن بعقب شرب مداموالقيء يقطع والقيام كلاهما ** بهما وليس بنوع كل قياموخذ الدواء إذا الطبيعة كررت ** بالاحتلام وكثرة الأحلاموإذا الطبيعة منك نقت باطنًا ** فدواء ما في الجلد بالحمامإياك تلزم أكل شيء واحد ** فتقود طبعك للأذى بزماموتزيد في الأخلاط إن نقصت به ** زادت فنقص فضلها بقواموالطب جملته إذا حققته ** حل وعقد طبيعة الأجسامولِعَقلِ تدبير المزاج فضيلة ** يشفى المريض بها وبالأوهامأقول وهذه القصيدة تنسب أيضًا إلى الشيخ الرئيس بن سينا، وتنسب إلى المختار ابن الحسن بن بطلان، والصحيح أنها لمحمد بن المجلي لما قدمته من إنشاد سديد الدين محمود بن عمر لي مما أنشده مؤيد الدين بن العنتري لوالده مما سمعه منه، ووجدت العنتري أيضًا ذكرها في كتابه المسمى بالنور المجتنى وقال إنها له، وقال أيضًا أنشدنيها سديد الدين:
وجودي به من كل نوع مركبٍ ** من العالم المعقول والمتركِّبفذهني مشكاة ونفسي زجاجة ** تضيء بمصباح الحجا المتلهِّبونوري من النور الإلهي دائمًا ** يصب على ذاتي بغير تسكُّبوزيتي من الزيتونة العذب دهنها ** تنزه عن وصف بشرق ومغربكأني في وصفي منارة راهب ** بقنديلها الشفاف أشرف كوكبوقال أيضًا:
إذا أن غدا والنفس منه كجنة ** يغرد في أرجائها كل طائرتدبرت السبع الطباق وفارقت ** على شرف منها سجون العناصروقال أيضًا:
وكأننا ممتزج لم يزل ** من عالم النيِّر والمُظْلِمفبعضنا يختارها داره ** وبعضنا يرقى إلى الأنجموقال أيضًا:
الحق ينكره الجهول لأنه ** عدم التصور فيه والتصديقافهو العدو لكل ما هو جاهل ** فإذا تصوره يعود صديقاوقال أيضًا:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى ** جمعًا لكنت صديق كل العالملكن جهلت فصرت تحسب كل من ** يهوى خلاف هواك ليس بعالماستحي أن العقل أصبح ضاحكًا ** مما تقول وأنت مثل النائملو كنت تسمع ما سمعت وعالِمًا ** ما قد علمت خجلت خجلة نادموضع الإله الخُلف في كل الورى ** بالطبع حتى صار ضربة لازموقال أيضًا:
أبلغ العالمين عني بأني ** كل علمي تصور وقياسقد كشفت الأشياء بالفعل حتى ** ظهرت لي وليس فيها التباسوعرفت الرجال بالعلم لما ** عرف العلم بالرجال الناسوقال أيضًا:
قالوا رضيت وأنت أعلم ذا الورى ** بحقائق الأشياء عن باريهاتجتاب أبواب الخمول فقلت عن ** كره ولست بجاهل راضيهالي همة مأسورة لي صادفت ** سعدًا بغير عوائق تثنيهاضاق الفضاء بها فلا يسطيعها ** لعلوها الأفلاك أن تحويهاما للمقاصد جمة ومقاصدي ** ناط القضاء بها الفضا والتيهاأطوي الليالي بالمنى وصروفها ** تنشرنني أضعاف ما أطويهاإني على نوب الزمان لصابر ** إما سيفنى العمر أو يفنيهاأما الذي يبقى فقد أحرزته ** والفانيات فما أفكر فيهاوقال أيضًا:
بني كن حافظًا للعلم مطرحًا ** جميع ما الناس فيه تكتسب نسبافقد يسود الفتى من غير سابقة ** للأصل بالعلم حتى يبلغ الشهباغذ العلوم بتذكار تزد أبدًا ** فالنار تخمد مهما لم تجد حطباإني أرى عدم الإنسان أصلح من ** عمر به لم ينل علمًا ولا نسباقضى الحياة فلما مات شيعه ** جهل وفقر فقد قضَّاهما نصباوقال أيضًا:
كن غنيًّا إن استطعت وإلا ** كن حكيمًا فما عدا ذين غفلإنما سؤدد الفتى المال والعلم ** وما ساد قط فقر وجهلوقال أيضًا:
اقسم العمر ثلاثًا واستمع ** يا بني النصح مني والرشادافاطلب الحكمة في أوله ** واحرز العلم وجب فيه البلاداواكسب الأموال في الثاني وكل ** واشرح الراح ولا تبغ الفساداوترقب آخر العمر فإن ** جاءك الموت فقد نلت المراداوإن اعتاقك في إحداهما ** طارق الموت فقد حزت الجهاداهذه سيرة مسعود بها ** نال في الدنيا وفي الأخرى السداداوقال أيضًا:
بني تعلم حكمة النفس إنها ** طريق إلى رشد الفتى ودليلولا تطلب الدنيا فإن كثيرها ** قليل وعما رقدة فتزولفمن كان في الدنيا حريصًا فإنه ** يظل كئيب القلب وهو ذليلومن يترك الدنيا وأصبح راهبًا ** فما للأذى يومًا إليه سبيلوقال أيضًا:
نفسي تطالبني بما في طبعها ** والعقل يزجرها عن الشهواتوالنفس تعلم أن ذلك واجب ** والطبع يجذبها إلى العاداتوالطبع يقصر عن مراد كليهما ** فكلاهما وقف على الحسراتوالنفس من خمر الحياة وسكرها ** ستفيق بين عساكر الأمواتوقال أيضًا:
لا تدنين فتى يودك ظاهرًا ** حبًا وضد وداده في طبعهواهجر صديقك إن تنكر وده ** فالعضو يحسم داؤه في قطعهوقال أيضًا:
من لزم الصمت اكتسى هيبة ** تخفي عن الناس مساويهلسان من يعقل في قلبه ** وقلب من يجهل في فيهوقال أيضًا:
عدّل مزاجك ما استطعت ولا تكن ** كمسوّف أودى به التخليطواحفظ عليك حرارة برطوبة ** تبقى فتركك حفظها تفريطواعلم بأنك كالسراج بقاؤه ** ما دام في طرف الذبال سليطوقال أيضًا:
ثقلة الجسم يستمد غذاه ** طلبًا منه للبقا والدوامهو لما رأى التحلل طبعًا ** أخلف المثل بالغذا والطعاموقال أيضًا:
ومخطف الخصر زارنا سحرًا ** في غنج عينيه سحر هاروتيحمل تفاحة موردة ** كدرة رُصِّعت بياقوتكأنها النجم في توقده ** قارن بدرَ السماء في حوتوقال أهدى إليّ بالرحبة بشر بن عبد اللّه الكاتب طبقا من تفاح لم أشاهد مثله حمرة وندا، فكتبت إليه، وقد كان طلب مني تشبيهًا في التفاح، فقلت له إذا حضر عملت فيه تشبيهاً، فنفذ ذلك فكتبت إليه:
هُبَّا فإن الديك هب وصاحا ** جنح الظلامُ واسقياني الراحاراح تريح من الهموم وطبعها ** ينفي السقام وينعش الأرواحاأهدي الرئيس وفي نداه سجية ** تهدي النفائس غدوة ورواحاطبقًا من التفاح إني لم أزل ** أهوى الثمار وأعشق التفاحاإن الطبيعة والمزاج تشاركا ** في الكون لما أوجداه سماحاصاغاه كالكافور لكن جلده ** قد ألبساه من النجيع وشاحافكأنه من لون حبي قابس ** وكأنه من نشر بشر فاحاوقال في النارنج:
سقياني من مخدرات الدنان ** بنت كرم حمراء كالأرجوانوأدرها في مجلس أرهجته ** نغمات النايات والعيدانوكأن الكؤوس فيه نجوم ** أطلعتها أيدي البدور الحسانوابتدت بعد قطعها فلك السعد ** جميعًا تغيب في الأبدانوكأن النارنج بين الندامى ** أكرا مثلت من الزعفرانوقال في الرمان الحامض:
وشادن أبلج كالبدر ** نادمته ليلًا إلى الفجربات به يصرف عنه الأذى ** ينهل كاسات من الخمرينتقل الرمان في أثرها ** مخافة من ضرر السكركأنه وهو خبير به ** يكسر الياقوت بالدروقال أيضًا:
وبابلي اللحاظ كالقمر ** أصبح في الأرض فتنة البشرأولاه فيض الجمال أجمعه ** والحسن والظرف واهب الصورخشيت من عقرب به قمر ** فكيف بالعقربين في قمروقال أيضًا:
ومهفهف يغشى العيون غريقه ** في لج ماء الحسن منه وموجهقلم الطبيعة خطه والمشتري ** يملي عليه عطارد من أوجهوقال في غلمان يسبحون بدجلة:
وسرب غيد بشاطئ دجلة خرجوا ** عن الثياب وألقوا سائر الكلفكأنهم وسط لج الماء أجمعهم ** در تجرد في بحر عن الصدفوقال في غلام في الحمام:
جردته الحمام من كل ثوب ** وأرتني منه الذي كان قصديبدنًا كالصباح من تحت ليل ** حالك اللون أسود غير جعدسكب الماء فوق جسم حكى ** الفضة حتى اكتسى غلالة وردوقال وكتبها إلى صديق:
جاء شعبان منذرًا بالصيام ** فاسقياني راحًا بماء الغمامخندريسًا كأنها الشمس لونًا ** وضياء أسفى من الأوهامواسقني من يمين أغيد ريم ** من بني الترك مثل بدر التمامفكأن الصهباء في الحسن والسا ** قي بها والحباب فوق المدامشمس ظهر في كف بدر عليها ** سمط در حكى نجوم الظلامسيما والربيع بالورد عاف ** يومه يشتري بسبعين عاموقال أيضًا:
كتبت وبي من لاعج الشوق والأسى ** إليك جوى يوهي القوى والقوادماولولا الرجا أن يجمع اللّه بيننا ** كأحسن ما كنا أتيتك قادماولكنني أدعو إلى الواحد الذي ** يرى كل شيء أن يردك سالماوقال أيضًا:
يا من تربع جلقا وغدا ** يدعى من السعداء عش أبدالا تطلبن بغيرها بدلًا ** هي جنة اللّه التي وعداقض الزمان ولا تبع طمعًا ** نقدًا بوعد ترتجيه غداواشرب بها صفراء صافية ** تنفي الهموم وتسلب الكمداراحًا إذا بزلت بآنية ** قذفت على حافاتها الزبدافالعاقل الفطن اللبيب إذا ** نال المنى في منزل قعداإني لأهوى شرب صافية ** مقطوبة في الكأس من بردىمن كف من يهوى الفؤاد بها ** تسعى بها والليل قد برداتسقي ندامى كالنجوم غدوا ** بيض الوجوه تخالها برداما نلتقي إلا حليف حجى ** يلقي العلوم وشاديًا غرداوقال أيضًا:
سلام كأنفاس الرياض بعالج ** يبلغه ريح الصبا أرض جلقإلى ساكن فيها وفي القلب مثله ** مقيمًا به عقلًا إلى حين نلتقيإلى جنة الدنيا جميعًا وليتني ** أنخت بها يومًا من الدهر أينقيوأنت بها فالراح غير لذيذة ** بغير نديم خالص الود مشفقسميع مطيع للأخلاء قد صفا ** بغير قذى صفو الشراب المعتقوإني ليدعوني الهوى كل ساعة ** إليك وتغريد الحمام المطوقسلام من الشعرى اليماني دائمًا ** إلى تربها الشامية المتألقوإن مزق الدهر المعاند شملنا ** فإن ودادي ليس بالمتمزقوبدلني بالصد منك فحالتي ** كحالة مأسور بغربة موثقومن نكد الدهر الغشوم وصرفه ** يجاور رغمًا فيلسوف لأحمقوقال أيضًا:
يا حجة الدين سر باللّه معتصمًا ** ولا تكن لفراق حم ذا أسففللكواكب عذر في تنقلها ** عن البيوت لكي تحتل بالشرفالدر لولا نحور الغيد ما خرجت ** به المقادير أحيانًا من الصدففاقبل إلى ملك ما نال غايته ** وما حواه ملوك الأرض في السلفهو الهيولى وأنت الجسم تقبل ** أصناف المعالي قبولًا غير مختلفوقال استدعاني الرضا وزير الجزيرة في ليلة ممطرة فكتبت إليه مع الغلام:
قل للوزير أدام اللّه نعمته ** في دولة أمرها في الحضر والباديبعثت في طلبي والغيث منسكب ** والوحل قد كف سير الرائح الغاديوقد رددت الذي نفذت في طلبي ** فابعث إلي بمركوب ولبادفبعث إليه ما أراد وقال وكتبه إلى بعض الكتاب:
دعني من المطل الذي لا ينقضي ** أبدًا وسقم القلب بالتعليلقل لي نعم أو لا بغير توقف ** فاليأس أروح لي من التطويللأكون من طمعي الكذوب كمن رأى ** أضغاث أحلام بلا تأويلوقال يهجو علي بن مسهر الشاعر:
ما ولدت سعلاء من جن عبقر ** بأقبح شخص من علي بن مسهرله هامة صلعاء من فوق قامة ** مقوسة حدباء في دور خنصربها جُعَل ما بين فكيه كامن يزج ** الخرا من فيه في كل محضرولما شكى داء قديمًا بدبره ** إلي وداء من فم منه أبخرفقلت دواء الدبر طعنة أجرد ** عريض القفا عريان أقرع أعورتناك به من بين فخذي موسوس ** به جنة كالعير هوج أيُّروما يشتكي فوك الخبيث دواؤه ** بمسواك جعس مجه حجر خيبريوكلْ من جوارشن البطون فإنه ** لدائك أشفى من جوارشن قيصرففيك من العاهات ما لو تقسمت ** على الخلق جمعًا لم تجد غير مدبروقال في المرأة:
قد أقبلت غولة الصبايا ** تنظر عن معلم النقابفقلت من أعظم الرزايا ** قفل على منزل خرابأحسن ما كنت في عباة ** ملفوفة الرأس في جرابوقال يمتدح فضيلة الشرع:
إن الشريعة ألفت بصلاحها ** للعالم المتضادد المتمازجالشرع أصلح كل غاو مارد ** وأمات شرة كل جان مارجلولا الشريعة ما تجمع واستوى ** شمل الورى ومنوا بشر هائجإن الشريعة حكمة ومنافع ** لمداخل ومصالح لمخارجوالعقل نور اللّه إلا أنه ** للعالم المحسوس غير ممازجفمتى اكتفيت بفعل عقل داخل ** فسدت أمورك كلها من خارجالأنبياء كواكب تهدي إلى ** سبل الهدى لذوي السرى والدالجوقال حين ترك الخمر وتاب عنه وعن المدح بالشعر:
نار الحميا ونار الفكر مذ نهكا ** جسمي تركت الحميا خشية الناروالكأس بالطبع تصدي عقل شاربها ** والسكر يسلب منه حكمة الباريوقال أيضًا:
صددت عن الصهباء لما وجدتها ** منافرة مني طباعي وأخلاقيوعوضت عنها النفس كاسات حكمة ** تعللتها فازددت شوقًا إلى الساقيوللعنتري من الكتب كتاب النور المجتنى من روض الندماء وتذكار الفضلاء الحكماء ونزهة الحياة الدنيا، رتبه على فصول السنة وضمنه أشعارًا وفوائد حسنة لجماعة من الأدباء ولنفسه أيضاً، وأبان فيه عن فضل، كتاب الجمانة في العلم الطبيعي والإلهي، كتاب الأقراباذين، وهو أقراباذين كبير استقصى فيه ذكر الأدوية المركبة وأجاد في تأليفه، رسالة الشعرى اليمانية إلى الشعرى الشامية، كتبها إلى عرفة النحوي بدمشق جوابًا عن رسالة كتبها إليه من دمشق، رسالة حركة العالم يهنئ بها وزيرًا استدعي إلى وزارة بلد آخر، وهو حجة الدين مروان لما وزره أتابك زنكي بن آق سنقر، رسالة الفراق ما بين الدهر والكفر والإيمان، رسالة العشق الإلهي والطبيعي.